Saturday, December 12, 2009

وداعاً حسن بشير



لم
يتردد الأستاذ حسن بشير – رحمه الله – فى ترك العمل بوزارة الإسكان والتفرغ للجماعة – بناءً على طلبها – وهى تخطو أولى خطواتها نحو إعادة البناء بنهايات العام 1979 فى تعبير عملي واستجابة شاهدة على تجزر معاني الجندية والطاعة لدى الأخ حسن بشير الذى احتسبته جماعة (الأخوان المسلمون ) فى رحيل مفاجئ أثر عملية جراحية عاجلة فى ماليزيا بعيد عودته من شعيرة العمرة مؤخراً .
وكما يسجل التفرغ للجماعة المعاني السالفة الذكر فانه يبقى شاهداً له أنه عضو مؤسس للجماعة فى شكلها الحالى بعد أن أراد من أراد أن يئد الجماعة فكراً ومنهجاً ولكن هيهات هيهات أمنية واهمة ومسعى خاسر وهدف عسر .

شقت الجماعة طريقها وأبحرت سفينتها لا تخاف دركاً ولا تخشى تقَّلد خلالها الأخ حسن بشير مواقع شتى فى مجال العمل الطلابي والإداري ولم تكن الجماعة فى ذلك الوقت تملك من وسائل النقل والحركة سوى أربع دراجات بخارية خصصت لأربعة أخوة فرغتهم الجماعة للعمل للدعوة هم الأخ أ. حسن بشير (رحمه الله) د.عثمان على حسن ، د. عصام يوسف بدري ، والأخ مرشد خضر الجاك ثم لحقت سيارة صالون زرقاء يمتلكها البروفسير مالك بدرى بذلك الأسطول المتواضع بدأت المسيرة، ورغم قلة الإمكانيات والعدد إلا أن الهمم عالية والنشاط متقدا والحركة دوؤب لا تتوقف ، والأنفس زاكية والأخوة زاد يدفع المسيرة ويعصم الركب من خلل وانحراف فتمددت الجماعة وانفسحت لها الصدور وتلقاها بالقبول فئام من الناس في العاصمة والأقاليم فى تميز نوعى شاهد على أن في كل جماعة (عصبة مكية) لا تتكرر فى مجموعها منهم حسن بشير ، إن شاء الله تعالى ، يندر أن ترأه غير أشعث أغبر من أثر الدراجة النارية التى يصول بها ويجول من مكان الى مكان ومن لقاء إلى لقاء دون كلل أو ملل ولم يقعده الحادث الذى تعرض له عن العودة لذات المقعد المقود مستهيناً بكل صعاب لسان حاله يقول (وهل ثم إلا الى الله أقع).

وبعد فترة من استقرار الجماعة واستوائها على ساق سعدت بالاخ حسن بشير فى باكستان التى سبقته اليها حيث إنضم (لمجلة الدعوة ) لسان حال الاخوان فى العالم ومنها غادر الى اندونسيا بعدما ضيق على المجلة وطاقمها أثر تطورات الأحداث فى افغانستان وباكستان . وهناك فى اندونيسيا كشف حسن بشير عن عبقرية فى الإدارة والبناء فى المجال الدعوى يزينها خلق دعوي رفيع والتزام علمي رشيد شهد له به من عرفه عن كثب وهم الجم الغفير ، وكثيراً ما تردد الأخ حسن على السودان فى إجازات ومهام دعوية لم يقضها فى بيت أسرته حيث نشأ وترعرع بل تحرك هنا وهناك يحمل هم الدعوة يشير ويستشير ثم يغادر عائداً الى الدعوة فى اندونيسيا بل فى أسيا فهو إنما يدور ويدندن بها وحولها أينما حل وارتحل .

وكنا فى السودان نخطط لاستقدامه والبقاء معنا للاستفادة من خبراته التراكمية عودة لمهده ومحضنه يدفع مع أخوة النشأة والتكوين من جديد ولكن كان القدر أسرع والقضاء أمضى ووقع خبر رحيله موقعاً أليماً وصدى حزيناً عند كل من استرق السمع تتناقله وتدفعه محمولات لا يهمها أى خبر تنقل ولا أي رسالة تدفع .

وفى مطار الخرطوم كانت الجماعة حاضرة لاستلام الجثمان مع ذويه الأخ المراقب العام د. الحبر يوسف نورالدائم ، والأخ وزير الدولة بالرعاية الاجتماعية والأخ وزير الصحة بولاية بور تسودان وكاتب هذه السطور وبعض الأخوة الأطباء ومعرف الفقيد من الإخوان وأهله ومن المسلمين حتى خروج سيارة الإسعاف من داخل المطار بعد استكمال إجراءات الاستلام وإذن الدفن .
وكم كانت عبارات مؤثرة تستنزل عصى الدمع وتستذرف المقل عندما امسك والد الأخ حسن بشير بيدي قائلاً (الليلة أنا ما فقدت أبوي ) إذن لم يكن حسن بشير فى بيت الأسرة ابناً بل اباً حتى لأبيه، وكم أبكى المراقب العام حين قال له(أنا يا الحبر ما فقدت حسن)

وكما نقلت الهواتف السيارة نبأ رحيل حسن بشير عاطلة من كل مشاعر جاهلة بمن ينعى عبر أثيرها تدلى صندوق الجثمان هو الأخر من الطائرة غير آبه واستقر فى سيارة الإسعاف مكتوب عليه (بقايا بشرية ) ......لكن لمن ؟ ! .
وفى بيت العزاء وعند الدفن كان الحضور شاهداً على عظمة الدعوة من فلسطين ومصر ونيجيريا واندونيسيا وغيرها كلهم اما دعا ابتداء أو أمن تريدداً دعوات صادقة تترحم على الأخ حسن بشير وهو يتدلى رويداً رويداً داخل القبر بجور مسجد منظمة الرحمة الإسلامية بمقابر فاروق بالخرطوم حيث يتسنى للأخوان عبر أنشطتهم فى ذلك المجسد إرسال الدعوات صادقة والآهات معبرة عن فقد وفقيد .
وبوركت دعوة وأخوة نُعزَى ونُعزِي فيها فى أخ لم تلده أمك.

وداعاً حسن بشير وإلى لقاء فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر .
وصلى الله على سيدنا محمد وأكرم وجهه وسلم تسليماً كثيراً

No comments:

Post a Comment